كثيرًا ما يتسائل مُستخدمي التداول الإلكتروني عن كونها مُتوافقة مع حدود الشريعة الإسلامية أم لا، وخاصةً بعد انتشار معلومات عن كونه يحمل في طياته مفهوم الربا المُستتر، وأنه وسيلة للربح بطريقة غير جائزة شرعًا، وكل تلك الأكاذيب أصابت المستخدمين بالحيرة من أمرهم، فما مدى صحتها والتوضيح الصحيح لمفهوم التداول ضمن الشريعة الاسلامية ليتمكن كل مُستخدم من اتخاذ القرار الصحيح حيال فكرة التداول الإلكتروني.
جدول المحتويات
مفهوم التداول الإسلامي الإلكتروني
هي طريقة مُختلفة من التداول التي تُمكن عملائها من انتهاج نهج البيع والشراء تحت مفهوم المقايضة الجائزة شرعًا، إضافةً إلى عدم فرض أيَّة فوائد ربوية تندرج تحت الأمور الغير جائزة إسلاميًا، والجدير بالذكر أن الشركات التي تُقدم تلك الطرق نادرة جدًا عالميًا، إلا أنها في تزايد مستمر حفاظًا على عملائها من كافة الدول العربية الإسلامية.
كيف تختار شركات تداول حلال؟
أُثير جدلًا كبيرًا حول فكرة التداول الإلكتروني خاصةً في السنوات الأخيرة، مما جعل المؤسسّات الإسلامية ودُور الإفتاء تبحث بشكل أكثر تعمقًا حول أدق تفاصيل التداول، لتتمكن من تقديم فتوى صحيحة متوافقة مع أحكام وحدود الشرع الإسلامي القويم، ليستند إليها كافة المُستثمرين المسلمين، ومن ثم أقرَّت تلك المؤسسات شروطًا يجب توافرها في وسيط التداول ليُصبح حينها مشروعًا وأهم خصائص أفضل شركة تداول اسلامي نجملها في :
- أن يبعد تمامًا عن كل ما قد يندرج تحت مفهوم “الربا”، من عمولات ورسوم لاستمرار فتح الصفقة، حيث أن الشريعة الإسلامية تُحرم الربا قطعًا.
- الامتناع عن المخاطرة التي تُسمى شرعًا بــ “الغرر”، وهو وجه آخر لفكرة تداول وبيع ما هو ليس موجودًا في الأصل، وتضم كافة معاملات تداول الأسهم التي تندرج تحت اسم “القمار”، كما يشتمل على عقد صفقات تحت سقف المصادفة والمجازفة.
- السعي إلى ترتيب المضاربات، أي تقسيم الشراكة بين طرفين أحدهما مسئول عن الجزء المالي والآخر عن إدارة تلك الأموال، على أن تكون تلك الشراكة مُقيدة لتتناسب مع الشريعة كفكرة البائع والمشتري والتجارة الحلال.
- إبرام عقد يُحدد “ترتيب اتفاقية الشراكة”، على أن يتقاسم الطرفين كلا المكسب والخسارة تقديرًا بنسبة تتوافق مع حجم رأس المال الذي يضخه المُستثمر، وعدم فتح أي صفقات لا تضم طرف بائع وآخر مشتري.
- أي تداول إسلامي لابد من أن يتم بشكل لحظي بغير الدخول في أيَّة صفقات مؤجلة، وهذا يرجع إلى أن البيع بالآجل لا يمت للشريعة الإسلامية بصلةٍ، وهذا ما تضمنه شركات التداول الإسلامي لمُستثمريها.
- يجب أن يخلو الحساب الإسلامي من أي عمولة تبييت ربوية.
- هناك ما يُعرف بالودائع الهامشية والتي تُوفرها الشركة الوسيطة لأكبر مُستثمريها، حتى يتمكن المستثمر من الانتفاع بها لابد وأن يدفع مبلغًا قبل تمكينه من بدء الصفقة، وبالتالي فهي فوائد واضحة تمامًا تدخل تحت المحذورات الممنوعة شرعًا.
- يمتنع أصحاب فكرة التداول الإسلامي عن أيَّة قروض لكونها مُخالفة للشريعة.
- مبدأ البيع على المكشوف يتنافى مع الشريعة لكونه مضاربة بالأسهم التي تستدعي المخاطرة والمجازفة.
ما هي عمولة التبييت؟ وما سبب إثارتها للجدل؟
هي عمولة تفرضها شركات التداول على الصفقات لإبقائها مفتوحة بعد غلق اليوم “عند الساعة الخامسة بتوقيت ولاية نيويورك”، ليتمكن المُستثمر من مواصلة المتاجرة لأطول فترة مُمكنة، ومن هنا نستنبط أن إثارتها للجدل كان بسبب اعتبارها عمولة ربوية، ومن ثم اتفق علماء الشريعة الإسلامية على أن خلو التداول الإسلامي من عمولة التبييت هو إحدى الشروط الأساسية لجعل التداول جائزًا.
السبريد وعمولة التبييت أيهما مطابق للشريعة الإسلامية
يخلط الكثيرون بين كلا المفهومين بالرغم من وجود اختلاف شاسع بينهما، فالسبريد يُمكن تعريفه على كونه نسبة من فارق السعر بين قيمتي البيع والشراء لصالح الشركة الوسيطة، وهذا لا يُعد مُخالفًا للشرع إذ يُعتبر مُقابلًا لآداء خدمتها للمستثمرين، ويختلف من صفقة لأخرى أي ليس عمولة ثابتة على عكس عمولة التبييت، ويجدر بنا أن نُشير إلى أنه كلما قلَّت نسبة السبريد كلما أصبحت الصفقة أفضل للمستثمر.
أكذوبة تقليل فرص الربح عند اتباع التداول الإسلامي
ادَّعى البعض أن استخدام طرق التداول الإسلامية يُقلل من فرص الربح، وهذا مفهومًا خاطئًا لا أساس له من الصحة، إذ أنه يتمتع بنفس فرص التداول وكم الصفقات الهائل مع اختلاف الآلية فقط وليس الفرص، كما يدعم جميع أصناف الأدوات المالية، والتنبؤات التي يحتاجها المُستثمرين لخوض الصفقات بعيدًا عن أي مجازفة، فضلًا عن خدمة العملاء المجانية التي تُجيب عن شتى التساؤلات لتُطمئن مُستثمريها.
نصائح لاختيار شركات تداول إسلامية
ينبغي على كل مُستثمر يُريد أن يخوض تجربة التداول الإسلامي أن يبحث عن شركات تتوافر فيها الخصائص التالية:
- أن تكون الشركة تم إطلاقها مُنذ سنواتٍ عدة، وتجنب التعامل مع شركات مُستحدثة ليس لها أي تقييمات ولا إشادات من قِبل المُستثمرين القدامى في حجم استثماراتها ومصداقيتها وصفقاتها المُميزة.
- يستوجب على المُستثمر أن يبحث عن تراخيص الشركة التي سيتخذها كوسيطًا للتداول لكي يتأكد من مدى خضوعها للمنظمات العالمية المنضبطة، وليبتعد عن شركات النصب التي لا تمتلك أيَّة أوراق أو تراخيص.
- يتأكد من سياسة الشركة وأنها تدعم الأسس التي تتوافق مع الشريعة الإسلامية السابق ذكرها.
- البعد عن الشركات التي تجذب عملائها بأكاذيب خادعة، كأن تُركز في أجوبتها على أن الربح مضمون بنسبة 100%، بل لابد أن يتوافر عنصر المصداقية في أجوبة خدمة العملاء، حيث أن مجال التداول يحتمل المكسب والخسارة.
- استخدام حد الإيداع الأدنى للبعد عن المجازفة.
- يا حبذا أن تبحث عن شهادات وإنجازات الشركة الوسيط للتداول قبل أن تبدأ التعامل معها.
- اتخاذ الصفقة ذات السبريد المنخفض، وتجنب الوسطاء الذين يفرضون رسومًا غير مُبررة بشكل جزافي.
خلاصة القول أن التداول الإسلامي لابد له من شروط تحكمه، ليُصبح مُتناسبًا مع الشريعة الإسلامية، ولابد له من ضوابط تسير طبقًا لأحكامها وحدودها، ويجدر بنا أن نذكر أن هذا ما تسعى إلى تحقيقه الشركات العالمية لتوسعة نطاق تعاملاتها لتشمل مُستثمري البلاد العربية والإسلامية، ومن ثم يستوجب على كل مُستثمر دراسة أساسيات التداول ضمن الشريعة الاسلامية لتحقيق ربحًا مُنضبطًا لا تشوبه شائبة.